نتابع اليوم خبر , انهزام الوعي واعتذار الشيخ عثمان! , في موقعنا لعشاق الرياضة والبحث عن الإثارة في, , ,
, 2025-03-10 00:25:00 ,
لعل البعض منا لاحظ الهجمة الشرسة التي تعرّض لها -قبل أيام- الشيخ عثمان الخميس، عندما تطرّق في حديث له عن الإشكاليات المتعلقة بموضوع غزة إلى حركة المقاومة الإسلامية «حماس»، منتقداً تعاملها مع الشأن الفلسطيني، ومنبهاً إلى ضرورة الفصل بين مواقفنا تجاه القضية الفلسطينية، كقضية تستحق دعمنا التام، وبين مواقفنا تجاه حماس، التي وصفها بأنها «فرقة سياسية منحرفة»، مشدداً على ضرورة عدم تعميم هذه الانحرافات على الواقع الفلسطيني الذي يدور على نفسه.
وإذا أعدنا قراءة ما قيل، نجد أن هذا الطرح الصريح ليس مجرد كلام مرسل لإثارة الجدل، بل حديث جاد هدفه المكاشفة والمصارحة، ويسعى لمعالجة جذور الأزمة بعيداً عن المزايدات والشعارات الفارغة، ترجيحاً للمصلحة الفضلى للشعب الفلسطيني.
لكن مع الأسف، لم يسلم الشيخ من أصوات الاستهجان والاستنكار، التي وصلت إلى حد التكفير والخروج عن الملة، وهي أصوات صادرة عن حشود دفنت وعيها في تلك المنطقة الرمادية الكئيبة، حيث يتبنى قاطنوها أساليب الترهيب والوعيد والتنصل من مواجهة الأخطاء.
ما يحصل في مثل هذه الحالة ليس حدثاً عابراً أو طارئاً تنقشع غيومه مع انخفاض سخونة الغضب تجاه رأي مخالف، بل هو إشكال يعاني منه الواقع العربي الذي لا يزال تحت تأثير خلافات تاريخية غابرة تشق الصفوف، فأنت فيها إما أن تكون «مع» هذا أو «ضد» ذاك، وما ينتج عن ذلك من أزمات متتالية تشل الفعل الحضاري، وتجعل الوعي الجمعي في حالة من الجمود الفكري القاتل.
وقد وصف الأديب الفلسطيني غسان كنفاني هذه الظاهرة بأنها من أسوأ الظواهر التي تتشكل خلال فترات الهزائم. ففي الوقت الذي تتطلب فيه مثل هذه الظروف ظهور تيارات واعية بحجم المخاطر المحدقة والإشكاليات القائمة، وتمتلك القدرة على المراجعات الجادة لتجاوز تدهور الأحوال، تبرز في المقابل تيارات الصوت العالي من المزايدين والمتمرسين للعبة انهيار الوعي وموت الإرادة والسقوط في فخ الاستسلام.
واللافت في تحليل غسان كنفاني -الذي اغتالته إسرائيل في انفجار هزَّ العقل والوجدان العربي في بيروت عام 1972- أنه ينادي ببرمجة عقلية مختلفة تتطلب «إدراكاً عميقاً لما يستحق أن يُنبذ وما يستحق أن يُدافع عنه. فليس أسهل من الولاء المطلق أو الرفض المطلق في فترات الهزائم».
واللوم يقع هنا على ثالوث إحياء العقل: التعليم – الثقافة – الإعلام، العاجز عن إنقاذ الوعي العربي من أزمة تقمص «اللغة العمياء»، كما أسماها كنفاني، وهي لغة تنتج فكراً يتبنى نزعة إلغاء الآخر وكتم صوته، ويجنح للهدم بدلاً من البناء، مما يحول أتباعها، دون إدراك، إلى «أعداء مفيدين» في خدمة الطرف المستفيد.
هذه الحقيقة، برأينا، جديرة بتجديد الاهتمام بها لتفكيك أحجية تأزم الفكر، وتشدد الرأي، وفقر الوعي الاجتماعي والسياسي الذي تعاني منه الأمة. فالمناخ العام في هذه المرحلة من عمر الأزمة بحاجة إلى فهم ناضج لمسار التاريخ، وواقع المجتمع، ومتطلبات المستقبل، لتجاوز منطق تضخم الذات بالفكر الخرافي والمشوش، الذي يقتات على منع أي تقدم.
ما معنى هذا في نهاية الأمر؟
إن استمرار مثل هذه القيود الفكرية المعقدة التكوين، والمتسببة في تغييب الوعي وسلبه أهلية فرز الغث عن السمين، تعتبر السبب الأساسي في فقدان بوصلة نجاتنا في أوقات الهزائم، فلا نعرف كيفية الوصول إلى المنطقة الآمنة من المشتركات والتفاهمات والتنازلات، التي يُفترض أنها أول الخطوات لتحقيق الانفراجات ولتوليد معادلة جديدة ومختلفة تقودنا نحو امتلاك مفاتيح الحل الحافظ لماء الوجه، على أقل تقدير.
وحتى ذلك الحين، سيبقى الشيخ عثمان الخميس مضطراً إلى توضيح مواقفه والدفاع عنها، فيما نستمر نحن في معارك كلامية وحروب وهمية لا منتصر فيها سوى من يتمنى شتاتنا وزوالنا.
*عضو مؤسس دارة محمد جابر الأنصاري للفكر والثقافة
, #انهزام #الوعي #واعتذار #الشيخ #عثمان, .كنتم معنا عشاق قيامة عثمان في خبر , انهزام الوعي واعتذار الشيخ عثمان! , تابعونا في كل حصري الإخباري لمتابعة الجديد
, , ,