أ.د.عثمان بن صالح العامر

لكل مجتمع على وجه هذه الكرة الأرضية صبغته، قيمه، طابعه الخاص، عاداته وتقاليده المتناغمة مع ثقافته الأم، ومع أن المحافظة على هوية المجتمعات بمكوناتها المتعددة مسؤولية الجميع، إلا أن البعض قد يتقاعس عن الوفاء بهذا المطلب الوطني الملح، إما جهلاً منه بأهمية التمايز الوجودي، أو عدم شعور ذاتي بمسؤوليته الفردية في المشاركة الفعلية في إبراز الخصوصية الثقافية والحضارية والقيمية للذات الوطنية انطلاقاً من المرجعية الأيديولوجية. ولذا كان من قيادتنا الحكيمة في السنوات الأخيرة سن عدد من الأنظمة التي تؤكد على وجوب الالتزام بما من شأنه إعزاز الذات الحضارية وإبراز الهوية الثقافية للمجتمع السعودي التي توجت بإعلان مقام وزارة الداخلية استحداث (الإدارة العامة للأمن المجتمعي ومكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص)؛ إنفاذاً لتوجيهات سيدي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد الأمين، رئيس مجلس الوزراء – حفظه الله – التي أكدت على أهمية تعزيز كفاءة منظومة العمل الأمني عامة ومكافحة الجريمة على وجه الخصوص.

لقد أثبتت الدراسات والأبحاث المتخصصة والجهات الرسمية ذات الصلة بالأمن الوطني أن هناك منظمات وشبكات إجرامية تسللت داخل نسيجنا الاجتماعي واخترقت صفنا المتراص، تريد النيل من أمن المواطن وسلامة المجتمع والتلاعب بمقدراته والمساس بقيمه والتشكيك في مرتكزاته وارتكاب جرائم المتاجرة ببني الإنسان داخل وطن يولي المواطن والمقيم والزائر جل اهتمامه وعظيم رعايته، وكان إزاء ذلك كله القرار السيادي المهم في إعلان ميلاد الإدارة العامة للأمن المجتمعي ترتبط بالمديرية العامة للأمن العام. وتختص – كما جاء في بيان وزارة الداخلية – بمكافحة الجرائم التي تتعدى على الحقوق الشخصية أو تمتهن الحريات الأساسية المكفولة شرعًا ونظامًا، أو تتجاوز على كرامة الأفراد بأي صورة كانت، بهدف القضاء على تلك الجرائم وتعزيز أمن المجتمع وسلامته من خلال مكافحة أنشطة الشبكات الإجرامية وتفكيكها، والقضاء عليها بالتنسيق المباشر مع جميع الجهات ذات العلاقة على المستويين المحلي والدولي.

وحتى يتحقق الهدف المنشود من وجود هذه الإدارة المهمة فإن مؤسسات التنشئة الاجتماعية في جميع مناطق المملكة عليها واجب التوعية المجتمعية بأهمية مشاركة المواطنين الفاعلة لتنجح إدارة الأمن المجتمعي في أداء رسالتها وتحقيق أهدافها المتوخاة على أتم وجه وفي أحسن صورة.

حفظ الله لنا هذا الكيان وأمد في عمره، وحفظ لنا قادتنا ورموزنا الوطنية وعلماءنا الربانيين وجنودنا البواسل وشعبنا الأبي.. ودمت عزيزًا يا وطني، وإلى لقاء، والسلام.